من أين يبدأ قسم الـ IT؟ تطور دوره من الدعم الفني إلى قيادة التحول الرقمي

من أين يبدأ قسم الـ IT؟ تطور دوره من الدعم الفني إلى قيادة التحول الرقمي

كيف انتقلت تكنولوجيا المعلومات من إصلاح الأعطال إلى قيادة مستقبل الشركات

IT Department Evolution
تطور دور قسم تكنولوجيا المعلومات في المؤسسات الحديثة

منذ بداية الحواسيب في بيئات العمل خلال السبعينيات والثمانينيات، كان قسم تكنولوجيا المعلومات (IT) يُعتبر مجرد جهة “خدمية” داخل الشركة، مسؤولة عن إصلاح الأجهزة وصيانة الشبكات. كانت مهمته محدودة في ضمان أن الأنظمة تعمل دون توقف، وأن البريد الإلكتروني متصل بالشبكة. لكن هذا المفهوم تغيّر جذرياً مع دخولنا عصر التحول الرقمي.

"قسم الـ IT لم يعد فقط من يشغّل الأنظمة، بل أصبح من يصنع مستقبلها."

اليوم، لم تعد المؤسسات تتحدث عن “أجهزة كمبيوتر” فقط، بل عن البنية التحتية الرقمية، الأمن السيبراني، الذكاء الاصطناعي، والتحول السحابي (Cloud Transformation). أصبح الـ IT هو المحرّك الأساسي لأي عملية تطوير أو تحديث داخل المؤسسة.

من الدعم الفني إلى القيادة التقنية

قبل عقدين فقط، كانت وظيفة "مدير قسم الـ IT" تقتصر على شراء الأجهزة والإشراف على الفنيين. أما اليوم، فهو جزء من مجلس الإدارة في كبرى الشركات، مثل Amazon وMicrosoft وIBM، يشارك في القرارات الاستراتيجية ويقود عمليات التغيير المؤسسي.

في المقابل، ما زالت العديد من الشركات العربية – خصوصاً الصغيرة والمتوسطة – تعاني من نظرة تقليدية لقسم الـ IT، فتعتبره "مركز تكلفة" بدلاً من كونه "مركز قيمة". هذه النظرة هي ما يعيق التطور الرقمي في بيئات العمل المحلية.

خذ مثلاً الشركات الناشئة في سوريا ولبنان والأردن، التي بدأت تعتمد خدمات الحوسبة السحابية مثل Microsoft Azure وGoogle Cloud لتقليل التكلفة ورفع الكفاءة. هذا التحول لم يكن ليحدث لولا نضج دور الـ IT داخل هذه المؤسسات وتحوله إلى شريك في اتخاذ القرار.

العوامل التي غيّرت وجه قسم الـ IT

  • التحول الرقمي (Digital Transformation): الشركات أصبحت تعتمد على البيانات في كل شيء، من التسويق إلى الإنتاج، مما جعل الـ IT في قلب العملية.
  • العمل السحابي (Cloud Computing): لم يعد التخزين المحلي كافياً، وانتقلت المؤسسات إلى خدمات مثل AWS وAzure لتوسيع قدراتها التقنية.
  • الأمن السيبراني: ارتفاع معدلات الاختراق والهجمات جعل الأمان أولوية لا يمكن تجاهلها.
  • الذكاء الاصطناعي والأتمتة: دخول تقنيات الذكاء الاصطناعي غير مفهوم الإدارة التقنية كلياً، وجعل الـ IT مسؤولاً عن تبنّي أدوات التحليل الذكي والتعلّم الآلي.

هذه العوامل مجتمعة حولت القسم من “مشغل أنظمة” إلى “قائد التحول” — ليس فقط في الشركات العالمية، بل حتى في المؤسسات المحلية التي بدأت تدرك أن التقنية ليست كلفة... بل استثمار في المستقبل.

تحديات الواقع العربي

في الشرق الأوسط، ما زال العديد من مديري الشركات ينظرون إلى قسم الـ IT كخدمة مساندة فقط. بينما الواقع يفرض أن يكون هذا القسم شريكاً استراتيجياً في اتخاذ القرار. في سوريا مثلاً، ومع ازدياد اعتماد المؤسسات على الحلول الافتراضية والسحابية نتيجة ضعف البنية التحتية التقليدية، أصبح دور فريق الـ IT محورياً في استمرار الأعمال رغم الصعوبات التقنية والاقتصادية.

من ناحية أخرى، تواجه الفرق المحلية تحديات مثل نقص التدريب، ضعف الاستثمار في المعدات، وصعوبة مواكبة التطورات السريعة في الأمن السيبراني. لكن هذه العقبات لا تُلغي حقيقة أن الـ IT هو البوابة الأولى لأي شركة تسعى لمستقبل رقمي أكثر استقراراً.

خلاصة الجزء الأول

قسم الـ IT لم يعد مجرد فريق تقني في الطابق السفلي؛ إنه القلب الرقمي لكل شركة ناجحة. من الحوسبة السحابية إلى الذكاء الاصطناعي، من الأمن إلى البيانات، أصبح القسم اليوم يقود أهم مسارات النمو المؤسسي.

في الجزء الثاني من هذه السلسلة، سنتناول **كيف يُبنى فريق الـ IT داخل الشركات**: من اختيار المهارات، إلى توزيع الأدوار والمسؤوليات، وصولاً لتصميم الهيكل المثالي الذي يضمن الكفاءة والأمان.

google-playkhamsatmostaqltradent